دروس من جائحةكورونا : الحلقة الثانية (كورونا و الآثار الاجتماعية)
تطرقنا في الحلقة الماضية إلى تحدي هذا الفيروس المجهري لجميع دول العالم بمختلف أشكالها ومستوياتها حيث استطاع بقدرة الله وحكمته أن يوحد البشرية في علاقتها بحقيقتها وفي علاقتها بكينونتهاووحدة وجودها، فكان استهدافه لهذه التفاصيل البشرية الدقيقةبمثابة منطقة عبورو اختراق استطاع من خلالهافرض خريطة اجتماعيةواخلاقية و ثقافيةواقتصاديةجديدة في مختلف مجتمعات وشعوب العالم على حد سواء نتعرض لجوانبها الاجتماعيةبإيجاز في النقاط التالية :
1 - ظهور مؤشرات اجتماعية و ثقافيةلتقبل مسلكيات جديدة في العلاقات الاجتماعيةمن أجل محاربة تفشي الوباء
2 - نتج عن ذلك ظهور تقبل في العقلية الاجتماعية لما أصبح يعرف بالتباعد الاجتماعي
3 - تجسد هذا التقبل على مستوى المسلكيات الاجتماعية وإن بدرجات متفاوتة حسب مستويات مرونة المجتمعات المختلفة
4 - ساهم هذا الحراك الاجتماعي الجديد في ظهور تمزق أكثر وضوحافي النسيج الاجتماعي لبعض المجتمعات وزيادته بدرجة أكبر لدى البعض الآخر نتيجة تخوف الأفراد و المجموعات من انتشار العدوى
5 - هذا الخوف و الهلع من العدوى تسبب بدوره في انغلاق للعلاقات الاجتماعية وإن بأشكال متفاوتة تبعا لطبيعة المجتمعات ؛أفقيا في علاقة البنيات الأسرية بالنيات الاجتماعية الأخرى كالبنيات القلبية و العرقية و الدينية و السياسية وغيرها...، وعموديا في علاقة البنيات الأسرية بالبنيات القرابية الأخرى،وإن كان هذا الانغلاق مازال حسيا لحد الآن في المجتمعات التقليدية أكثر منه وجدانيا
6 - ساهم ذلك في ظهور فردانيةنسبية في العلاقات الاجتماعية في المجتمعات التقليدية و تجذير هذه الفردانية في المجتمعات الرأسمالية بشكل أكثر وضوحا حتى بين أفراد الأسرة النووية الواحدة
7 - أمافي مجال التعليم فإن هذا التباعد الاجتماعي الذي أصبح هاجسا لدى البعض وممارسةلدى البعض الأخر بفعل التخوف من انتشار هذه الجائحةقد ولد تباعدا اجتماعيا على المستوى التعليمي في إطار وجود حجرمنزلي متعاظم
8 - هذا الحجر المتعاظم نتيجة الهلع من انتشار الفيروس ساهم في الاستعانة بالعالم الافتراضي في مجال التعليم كممارسة تربوية وتعليميةأصبحت تفرض نفسها أكثر من أي وقت مضى بفعل هذه الجائحة و في مختلف دول العالم من أجل سد الفراغ الكبير الذي سببه الوباء في مجال العملية التربوية برمتها
9 - و في مجال التشغيل، خلق هذا الوباءأنواعامختلفة من البطالةالمقنعةفي القطاعين العام والخاص لتتكدس إلى جانب الجيوش الاحتياطية من العاطلين عن العمل قبل الكوفيد 19 مما جعل الجميع يعيش مع بداية الجائحة في "سجن كبير"في الداخل أو في"منفى اختياري"في الخارج لتبدألمرحلة الثانية بمحاولة رفع التحدي والتفكير في نبذ الاتكاليةوالعمل على ولوج أعمال حرة في إطار إجراءات احترازية تضمن الحدالأدنى من العيش الكريم
10 - أما في مجال الصحة فقد أظهرت جائحةالكوفيد 19 هشاشة المنظومة الصحية برمتها و في جميع أنحاء العالم و هو التحدي الذي قد يساهم في خلق بدائل صحية ذات فعالية مابعد الكوروناإذا ما تم استيعاب هذه الدروس إلى أبعد الحدود والاستفادة منها في قابل الأيام .
هذه الحركية الاجتماعية على المستويين العمودي و الأفقي التي فرضها الانتشار المتسارع لفيروس كوفيد19 في جميع أنحاء المعمورة قد تؤسس لتغير اجتماعي صاعد لمن أحسن الاستفادة منها و استخدامهابشكل فعال،كما أنها بالمقابل قد تساهم في تغير اجتماعي هابط بالنسبة لمن تفرج عليها من بعيدولم يستفد مما قدمت من دروس وعبرليعيد في الأخيرإنتاج تنمية التخلف باستمرار وبطريقة أكثر خطرا من ذي قبل رغم الثروات و الكنوزالهائلة التي يفترش أديمهامنذ زمن بعيد ...! فهلا من دروس لهذه الجائحة في المجال الاقتصادي؟ ذلك ما سنتناوله في الحلقة القادمة بحول الله
عبدالوهاب ولد محفوظ ولد احمد ويس