دروس من كورنا:الحلقة الأولى | حزب حاتم

فيديو

إعلان

الفيس بوك

دروس من كورنا:الحلقة الأولى

أربعاء, 06/24/2020 - 09:23

دروس من كورونا : الحلقة الأولى

(كورونا و هشاشة الحداثة و الحضارة و الإنسان)

منذ عصر النهضة الأوروبية و ما تمخض عنها من "تنوير" للعقول و"تثوير"للمناهج و العلوم و"تطوير"للتجارة و الصناعةوالفنون،والمجتمع الغربي الحديث يطمح في سعي دؤوب لامتلاك ناصية العالم و العلوم بكل ماأوتي من قوة و التربع على عرش السيطرةو النفوذ لصالحه هو وحده أما بقية العالم فعليهم أن يظلوا كالأقنان يدفعون فواتير الظلم و الغطرسةو التهجير و الفقر و التجهيل و الخذلان ،
و اعتمدوا في ذلك على حواسهم فقط من أجل تطوير أدوات استغلالهم و تكريس "تفوقهم" العلمي ليمسحوا طاولة اللاهوت لصالح اللاذوت ورمزيةالغيبيات لصالح مرجعيةالماديات وليقولوا للعالم إنهم إنما أوتوا هذا "التفوق"بعلم من عندهم فقط وليس من عند غيرهم و أنهم وحدهم هم أصحاب الحق في تقرير مصيرهم و مصير كل مخلوق في هذا الكون الذي أعتقدوا أنهم سيطروا عليه بإحكام، فما كان من تقدير العزيز الجبار المتفرد وحده بجبروته و سلطانه - و هم في غمرة مجدهم و سكرة عزهم وتفنن غيهم يعمهون - إلا أن أرسل عليهم مخلوقا مستطيرا ؛ جند من جنوده (و ما يعلم جنود ربك الا هو) لا يعرفون أصله و لا فصله ،ضعيفا متناهيا في ضعفه لدرجة أنه لا يعيش بمفرده ، صغيرا متناهيا في صغره لدرجة أنه لا يرى بالعين المجردة و لاتدركه الحواس و مع ذلك كله لم يستطيعوا نفي وجوده كما كانوا يفعلون لأنه ببساطةاستطاع أن يعيد نهضتهم إلى قرونها الوسطى وتمكن من إرجاع عصر أنوارهم إلى عصر الظلمات و كال الصاع صاعين للغرب و الشرق على حد سواء ،فهزم الجيوش المدججة بأعتى سلاح الظلم و الطغيان،و أربك الخبراء المتسلحين بأرقى مستويات العلم والعرفان،و قهر الأطباء المكونين بأعلى درجات الخبرة و البيان، و أقض مضاجع القادة أهل العروش و التيجان و أصحاب البأس و الصولجان . فأين هي نهضتهم التى نادوا بها فوق رؤوس الأشهاد ؟ و أين هو تنويرهم الذي أعموا به أعين "الحساد"؟ و أين هو تثويرهم للطبيعة و الإنسان الذي صنعوا منه الأعياد و الأمجاد؟ إنها و الله ليست سوى كذبة هم قائلوها و صورة هشة؛ بالية مختزلة في وسائل الاعلام نشروها...! ضعف الطالب و المطلوب و تكشفت حقيقة المستور و ظهرت بجلاء مرة أخرى هشاشة الحضارة و الإنسان،و ظهر للجميع أن الحداثة ليست في آخر المطاف سوى طيف من قراءة الفنجان،و تبين أن علومهم التي تمردت على الغيبيات و ألهت التجربة و الحواس ليست إلا ظلال لحقائق مزيفة لم تتمكن من الصمود أمام ذرة من الغيب ما زالت تحير الحداثة و الحضارة و الإنسان . فهل سلمتم يا طغاه بعجزكم أمام إرادة الرحمن ؟ أم أنكم مازلتم تبالغون في كبركم وعنادكم حتى يبتلعكم الموج كما ابتلع قوم نوح و فرعون لتقولوا بعد فوات الأوان آمنابرب العالمين خالق الكون و الحضارة والحداثةو الإنسان ...!؟؟؟

عبدالوهاب ولد محفوظ احمد ويس